الشكر من الاعضاء : 5 عدد الرسائل : 3924 العمر : 45 الموقع : قطر العمل/الترفيه : المطالعة المزاج : طيب المزاج : SMS : تحياتي لكم:
جــريـح الـمشــاعـر الدوله : البلد : : قطر دعاء : نقاط الاعضاء حسب نشاطهم بالمنتدى : 10577 تاريخ التسجيل : 06/02/2008
إعلانات المنتديات
معلومات الاتصال
موضوع: حوار مع الجدار السبت سبتمبر 27, 2008 10:24 am
<BLOCKQUOTE> حوار مع الجدار</BLOCKQUOTE>
تصدع الجدار وأنا جالس في غرفتي أقرأ كتاب الله تعالى في ليلة من الليالي .. نظرت إلى الجدار وبدأت أتساءل: إن منزلي جديد! فماذا حدث، هل هزة أرضية قد حدثت؟؟؟! فنطق الجدار قائلاً : كم من الليالي وأنا أنتظر هذه الجلسة؟ كم من الأيام وأنا أترقب هذه الخلوة؟ أين ذهبت الأيام الماضية حين كنت تجلس مختلياً تقرأ كتاب الله وتراجع تفسيره؟ لقد انقطعت عني كثيراً ، فلا أدري ما السبب؟ عبد الله ( وهو ينظر إلى الجدار ) : إنني مقصر في حق ربي !! الجدار: ألا تعلم أن كل جماد على الأرض سيشهد لك يوم القيامة، فق قال الله تعالى: ((وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها)). فاعمل خيراً حتى أشهد لك يوم القيامة .. عبد الله : وهل كان الناس يختلون حتى أختلي؟ الجدار : نعم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلي في غار حراء حتى نزل عليه الوحي. وكان يختلي بالليل يقيم لله تعالى .. وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان خلوة لله تعالى. عبد الله : وما فائدة الخلوة؟ الجدار : أقول لك ما قاله (سيد قطب) رحمه الله إنه : لا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى، لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت، وانقطاع من شواغل الأرض، ضجة الحياة، وهموم الناس، لابد من فترة التأمل والتدبر والتعامل مع الكون الكبير وحقائقه الطليقة، وبذلك تكون الروح كبيرة وتستلهم القوة من مصدر آخر حتى تغير له الواقع. عبد الله : أظنك تعني أن الداعية يزداد حركة وطاقة كلما اختلى مع الله تعالى. الجدار : نعم هذا ما أعنيه لأنه يتزود بنور الله فيخرج في صباح اليوم التالي بنفسه جديدة وبخلق جديد. عبد الله : وما هي فوائد الخلوة كذلك ؟ الجدار : السلامة من آفات اللسان، حفظ القلب من الرياء، وجدران حلاوة الطاعة، حفظ البصر، حصول الزهد والقناعة، راحة القلب والبدن، التمكن من عبادة التفكر والاعتبار، وهو المقصود من الخلوة. عبد الله : الله، إنها لمعان أنا بحاجة إليها. الجدار : نعم، ولهذا أنا فرحت عندما جلست اليوم لتقرأ كتاب الله ، حتى إنني تصدعت من شدة فرحي .. إنني تصدعت من شدة فرحي .. عبد الله : وهل يشترط للخلوة أن تكون ليلاً؟ الجدار : هذا هو الأفضل، ولكنك تستطيع أن تختلي صباحاً عندما تصلي الضحى مثلاً.
عبدالله : ولماذا الخلوة بالليل أفضل؟
عبد الله : لأن الوقت هادئ، والناس في سكون، فيكون فرحك أكثر كما قال بشر الحافي رحمه الله: "غنيمة المؤمن غفلة الناس عنه وإخفاء مكانه".
ولهذا حاول أن تختلي ولو ساعة واحدة في الشهر فهذا يعني "يعلى بن أمية" كانت له صحبة، وكان يقعد في المسجد ساعة ينوى فيها الاعتكاف .. وهذا أحمد بن حنبل – رحمه الله – حيث يروى لنا ابنه عبد الله يقول: "كان أبي أصبر الناس على الوحدة"؟ ويقول : لم ير أحد أبي إلا في مسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق .. فهذه هي همة سلفنا – رحمهم الله – فتشبه بالكرام فإن التشبه بهم فلاح ..
عبد الله : ولكن ما سبب عزوف بعض الدعاة – وأنا منهم – عن هذه العبادة مع ما فيها من فوائد كثيرة؟ الجدار : السبب هو خلو ذاته من الفضيلة كما قرر ذلك طبيب النفوس الإمام "أبو حامد الغزالي" – رحمه الله – حين قال: "إنما يستوحش الإنسان من نفسه لخلو ذاته عن الفضيلة، فيكثر حينئذ ملاقاة الناس، ويطرد الوحشة عن نفسه بالسكون معهم". عبد الله: صدقت يا جدار. وعلى كل ، أخبرني ما هو برنامج الخلوة حتى ألتزم به؟ الجدار: هناك برامج كثيرة تستطيع فعلها بخلوتك مع الله تعالى منها : قراءة القرآن أو تفسيره أو قراءة كتاب الحديث وشرحه ، أو قراءة كتاب إيماني أو أخلاقي، أو أن تذكر الله تعالى، أو تسمع شريطاً هادفاً، أو تفكر وتعتبر وغيرها .. ولهذا قال "ابن تيمية" رحمه الله : "ولا بد للعبد من أوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته وتفكيره، ومحاسبة نقسه وإصلاح قلبه، وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره، فهذه يحتاج فيها إلى انفراد بنفسه، إما في بيته، وإما في غير بيته". عبد الله: جزاك الله خيراً على هذه الفوائد، ويا ليت كل جدران البيت تتشقق حتى تنفعني بما يصلح حالي كما سمعت منك. الجدار: إن لي كلمة أخيرة أوصيك بها. عبد الله: وما هي؟ الجدار : أعلم يا عبد الله أنه كما أن الجسد يمتحن فكذلك القلب يمتحن فالجسد يمتحن بالمرض والمصائب، والقلب يمتحن بالفتن كما قال تعالى:"أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى". فكن من الحكماء في تعاملك مع نفسك، وفقني الله وإياك إلى حسن الخلوة واستثمار منافعها. ثم قال الجدار وهو يلتئم مودعاً:
وكيف تريد أن تدعى حكيماً .... وأنت لكل ما تهوى ركوب