][§¤][ سلمه بن الأكوع رضي الله عنه ][©§][
كان سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي رضي الله عنه من رماة
العرب المعدودين ،وكان كذلك مثالا في الشجاعة والكرم وفعل
الخيرات.
وحين أسلم نفسه للإسلام ، أسلمها صادقا منيبا ، فصاغها الإسلام
على نسقه العظيم.
وعندما أراد ابنه إياس أن يلخص فضائله في عبارة واحدة قال :
( ماكذب أبي قط )
وبحسب إنسان أن يحرز هذه الفضيلة ، ليأخذ مكانه العالي بين
الأبرار والصالحين ، ولقد أحرزها سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
وهو جدير بها.
][§¤][ بيعة الرضوان ][©§][
حين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام ست من
الهجرة ، قاصدين زيارة البيت الحرام ومنعتهم قريش ، وسرت
شائعة أن عثمان بن عفان رضي الله عنه مبعوث الرسول صلى
الله عليه وسلم إلى قريش قد قتـله المشركون بايع الصحابة الرسـول
صلى الله عليه وسلم على الموت ، يقول سلـمة رضي الله عنه :
( بايعـت رسول الله على الموت تحت الشجرة ، ثم تنحيت ، فلما
خـف الناس ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" يا سلمة ، مالك لا تبايع ؟ "
قلت : قد بايعت يا رسول الله
قال : " وأيضا " فبايعته
فبايع يومها ثلاث مرات أول الناس ، ووسطهم ، وآخرهم .
ولقد وفى بالبيعة خير وفاء ، بل وفى بها قبل أن يعطيها ،
منذ شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول ال له..
يقول رضي الله عنه :
(غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة
تسع غزوات )
][§¤][ غزوة ذي قرد ][©§][
كان سلمة رضي الله عنه من أمهر الذين يقاتلون مشاة ، ويرمون
بالنبال والرماح ، وعندما أغار عُيينة بن حصن في خيل من غطفان
على لقاح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة ، وفيها رجل
من بني غفار وامرأة له ، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح ،
كان أول من نذر بهم سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فغدا يريد الغابة
متوشحا قوسه ونبله ، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله ، معه فرس له
يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم ، فأشرف
في ناحية سلع ثم صرخ : ( واصباحاه )
وكانت طريقته تشبه طريقة بعض حروب العصابات الكبيرة التي تتبع
اليوم.. فكان إذا هاجمه عدوه تقهقر دونه ، فإذا أدبر العدو أو وقف
يستريح هاجمه في غير هوادة..
وبهذه الطريقة استطاع أن يطارد وحده ، القوة التي أغارت على مشارف
المدينة في الغزوة المعروفة بغزو ذي قرد..
وظل يقاتلهم ويراوغهم وحده ، ويبعدهم عن المدينة حتى أدركه الرسول
صلى الله عليه وسلم في قوة وافرة من أصحابه..
وفي هذا اليوم قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
" خير رجالتنا ، أي مشاتنا ، سلمة بن الأكوع "
][§¤][ مصرع أخيه ][©§][
لم يعرف سلمة رضي الله عنه الأسى والجزع إلا عند مصرع أخيه عامر
بن الأكوع رضي الله عنه في حرب خيبر..
وكان عامر رضي الله عنه يرتجز أمام جيش المسلمين هاتفا :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام ان لاقينا
في تلك المعركة ذهب عامر رضي الله عنه يضرب بسيفه أحد المشركين
فانثنى السيف في يده وأصابت ذوابته منه مقتلا..
فقال بعض المسلمين :
( مسكين عامر حرم الشهادة )
عندئذ لا غير جزع سلمة رضي الله عنه جزعا شديدا ، حين ظن كما
ظن غيره أن أخاه وقد قتل نفسه خطأ قد حرم أجر الجهاد ،
وثواب الشهادة.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم سرعان ما وضع الأمور في نصابها
حين ذهب إليه سلمة رضي الله عنه وقال له :
( أصحيح يا رسول الله أن عامرا حبط عمله ؟ )
فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم :
" انه قتل مجاهدا وأن له لأجرين وانه الآن ليسبح في أنهار الجنة "
][§¤][ الإصابة ][©§][
رأى يزيـد بن أبي عُبيـد رضي الله عنه أثر ضربة في ساقة فقال
له : ( يا أبا مسلم ما هذه الضربـة ؟ )
قال سلمة رضي الله عنه :
( هذه ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس : أصيب سلمة ، فأتيت
الرسول صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها
حتى الساعة )
][§¤][ جوده ][©§][
كان سلمة رضي الله عنه على جوده المفيض أكثر ما يكون جودا
إذا سئل بوجه الله سبحانه ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا
أن يظفروا منه بشيء قالوا :
( نسألك بوجه الله )
وكان يقول : ( من لم يعط بوجه الله فبم يعط ؟ )
][§¤][ وفاته ][©§][
حين قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه أدرك سلمه بن الأكوع
رضي الله عنه أن الفتنة قد بدأت ، وما كان له وهو الذي قضى
عمره يقاتل بين إخوانه أن يتحول إلى مقاتل ضد إخوانه ، فالرجل
الذي حيا الرسول صلى الله عليه وسلم مهارته في قتال المشركين ،
ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما..
فغادر المدينة إلى الربدة ، حيث عاش بقية حياته ، حتى كان يوم عام
أربعة وسبعين من الهجرة ، أخذه الشوق إلى المدينة فسافر إليها
زائرا ، وقضى بها يوما ، وثانيا..
وفي اليوم الثالث مات.
وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمه تحت جوانحه ويؤويه مع من
آوى قبله من الرفاق المباركين ، والشهداء الصالحين .
مـنـتـديـات جـريـح الـمـشـاعـر
ابواسامة