فتى من القدس
في إحدى حارات القدس الشرقية ، وفي حيها العربي تحديداً ، وبين الأزقة القديمة والشوارع التي مرت عليها حقب وتتابعت عليها أحداث جسام عبر التاريخ ، مضى (رائد) ينساب بينها كأنما تحول إلى ماء يختلط بترابها، يتمازج معها حتى لا تفرق بينه وبينها ..
أمامه الحارات تصغر حيثما خلفها وراءه .. لكنها تكبر بنظره وتزداد تعملقاً ..إذ يطويها خلفه لكنه لا ينساها ...
وأمام باب منزل متهالك وقف ، طرق الباب ثلاثاً ثم انتظر عشر ثوان ، ثم طرقه مرة أخيرة ..
وخلف الباب بدت الوجوه التي يعتريها الفضول ويرتسم الإصرار على ملامحها ..
تفضل ...
قالها أحدهم ثم دخلوا جميعاً إلى غرفة واسعة على يسار الباب ، في منتصفها طاولة كبيرة ، وخريطة القدس أمامهم ..
قال أحدهم وهو يشير إلى نقطة في منتصف الخريطة :
- هنا ، يعقدون اجتماعاتهم ، قريبين منا ، يستطيعون تنفيذ مخططاتهم من قلب أحيائنا بمساعدة من باعوا ضمائرهم ، صديقهم العربي يشتري لهم كل ما يلزمهم ويمدهم بالمعلومات والصور ..
ثم ضرب الطاولة بكفه صائحاً في حزم :
- حان الوقت لنضرب نحن ضربتنا ..
ارتج جسد رائد ، قشعريرة باردة سرت في أوصاله إذ تذكر أخيه الفتي " محمد "
ارتسمت صورته وهو يبتسم ويروح ويجيء يملأ البيت بالدفء والمرح ..
دورك سيكون كبيراً يا صغيري ، ولسوف تتفوق علينا جميعاً .. أنت البطل ونحن جنودك ..