ثانياً : حكم تعلم التجويد والعمل به :
وحكم هذا التجويد العملي هو واجب عيني على كل مكلف يحفظ القرآن أو بعضه
ولنعلم أن هذا التجويد العملي لا يتحقق إلا بإخراج كل حرف من مخرجه الصحيح
أيضا ويجب وجوباً عينيا على من يريد قراءة القرآن الكريم أو شيء منه ولازم
وواجب في حق العلماء الذين يعلمون القرآن وهذا الواجب ثابت بالكتاب والسنة
والإجماع.
أما الكتاب قوله تعالى لرسوله (ورتل القرآن ترتيلا) قال بعض المفسرين
المعنى أن تقرأ القرآن في تؤدة واطمئنان وتعود اللسان على النطق بالحروف
والكلمات بإتقان دون تكبر وذلك بقصر ما يجب قصره ومد ما يجب مده وتفخيم ما
يجب تفخيمه وترقيق ما يجب ترقيقه وإدغام ما يجب إدغامه وإخفاء ما يجب
إخفائه إلى غير ذلك مما سطره العلماء وبينه أهل الآداء.
وقوله تعالى ( ورتل ) - أمر وهذا للوجوب لأن الأصل في الأمر يفيد الوجوب
إلا إذا جاءت قرينة ترشده إلى غيره من الندب والإجابة أو الإرشاد أو
التهديد أو غير ذلك من وعد ووعيد ولم توجد هنا قرينة تصرفه عن الوجوب إلى
غيره فالأصل هنا الوجوب.
والسنة منها الحديث اقرأو القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل
الفسق والكبائر فإنه سيجيء أقوام من بعدي يرجعون الغناء والرهبانية
والنواح لا يجاوز حناجرهم هم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم ) رواه
مالك والنسائي والطبراني والبيهقي.
قال بعض العلماء أن هذه الأحاديث قد يراء بها معنى آخر غير الوجوب وهو
النهي عن التلاعب بكلمات القرآن ، وكما سئل الإمام علي رضي الله عنه عن
الترتيل في قوله تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا ) قال هو تجويد الحروف ومعرفة
الوقوف والإجماع فقد أجمعت الأمة على ووب قراءة القرآن قراءة مجودة سليمة
من التحريف منذ نزل القرآن إلى يومنا هذا لا زيادة فيها ولا نقص ولا تحريف
لا خلاف بين العلماء في عصر من العصور وسيظل بعناية الله محفوظاً على مر
الدهور والناس في معرفة هذا وتطبيقه بين محسن ومأجور ومسيء آثم معذور