قوله (باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى) المراد بتوحيد الله تعالى الشهادة بأنه إله واحد وهذا الذي يسميه بعض غلاة الصوفية توحيد العامة، وقد ادعى طائفتان في تفسير التوحيد أمرين اخترعوهما، أحدهما: تفسير المعتزلة كما تقدم، ثانيهما: غلاة الصوفية فإن أكابرهم لما تكلموا في مسألة المحو والفناء وكان مرادهم بذلك المبالغة في الرضا والتسليم وتفويض الأمر، بالغ بعضهم حتى ضاهي المرجئة في نفي نسبة الفعل إلى العبد، وجر ذلك بعضهم إلى معذرة العصاة، ثم غلا بعضهم فعذر الكفار، ثم غلا بعضهم فزعم أن المراد بالتوحيد اعتقاد وحدة الوجود، وعظم الخطب حتى ساء ظن كثير من أهل العلم بمتقدميهم وحاشاهم من ذلك، وقد قدمت كلام شيخ الطائفة الجنيد وهو في غاية الحسن والإيجاز، وقد رد عليه بعض من قال بالوحدة المطلقة فقال: وهل من غير، ولهم في ذلك كلام طويل ينبو عنه سمع كل من كان على فطرة الإسلام والله المستعان.