الشكر من الاعضاء : 0 عدد الرسائل : 2422 العمر : 55 الموقع : فلسطين-غزة المزاج : هادئ وسام : المزاج : SMS : لا يحزنك إنك فشلت مادمت تحاول الوقوف على قدميك من جديد الدوله : البلد : : فلسطين نقاط الاعضاء حسب نشاطهم بالمنتدى : 6009 تاريخ التسجيل : 14/09/2008
إعلانات المنتديات
معلومات الاتصال
موضوع: قصة آية (2) الأحد سبتمبر 28, 2008 8:26 pm
قصة آية (2)
شادي السيّد
قصة آية (1)
شعار الموحِّدين
قال الله تعالى : ((قُلْ إنَّ صَلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومَمَاتي للهِ ربِّ العالمينَ ، لا شريك له)) ، الأنعام : 162- 163 . الخطاب في الآية الكريمة للنبيّ – صلى الله عليه وسلم – وهو خطاب عامٌ لكلّ المسلمين ، وهكذا ينبغي أن تكون جميع أعمالنا وأفعالنا لخالقنا – سبحانه – ولا نصرف شيئاً من العبادة والقصد والتوجّه إلا له – جَلّ وعزّ - ؛ فلا ندعو إلا الله ، ولا نسأل إلا الله ، ولا نذبح إلا لله ، ولا نتوكل إلا على الله ، ولا نطوف إلا ببيت الله ؛ وبهذا يتحقق المفهوم الشموليّ المتكامل للعبادة في دين الإسلام ، فالدين كلٌ لا يتجزّأ . وفي الصحيح من حديث عليّ – رضي الله عنه – أنّ النبيّ – عليه الصلاة والسلام - كان إذا قام إلى الصلاة قال : " وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين . إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً ؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، لبّيك وسعديك ، والخير كله في يديك ، والشر ليس إليك ، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك " . وما خسر المسلمون إلا حينما كانت الحياة لغير الله ؛ ويا لله ! كم من صنوف العبادة تُصرف لغير الله : من دعاء ، واستغاثة ، وذبح ، وطواف ، وغير ذلك ! ولهذا يجب أن تكون القضية العظمى التي يُعنى بها الدّعاة والمصلحون ؛ هي : الدعوة للإسلام النَّقي المُصفّى القائم على التوحيد الخالص ، بعيداً عن الشّرك ؛ لنقول مُقوَّلة عباد الله المؤمنين على مَرّ العصور والسنين : (قُلْ إنَّ صَلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومَمَاتي للهِ ربِّ العالمينَ ، لا شريك له) . اللهمّ أحينا مسلمين ، وتوفّنا مسلمين ، واحشرنا مع عبادك الصالحين .
قال الله تعالى : ((وَأَذّنْ في النَّاس بالحجِّ يأتوك رِجَالاً وعلى كلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ من كلّ فَجٍّ عَميق )) ، الحج : 27. ذكر ابن حَجَر – رحمه الله تعالى – في المطالب العالية بسند حسن ، من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : " لمّا فرغ إبراهيم من بناء البيت ؛ قيل له : أذّنْ في الناس بالحج . قال : يا ربّ ! وما يبلغ صوتي ؟! قال : أذّنْ وعليَّ البلاغ . فنادى إبراهيم : أيها الناس ! كُتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فحُجّوا . قال : فسمعه ما بين السماء والأرض ؛ أفلا ترى الناس يجيئون من أقصى الأرض يُلبّون ؟! " . وقد قيل : لمّا نادى الخليل – عليه الصلاة والسلام – بالحج ، َأَسْمَعَ مَنْ فِي الأرْحَام وَالأَصْلاب ، وَأَجَابَهُ كُلّ شَيْء سَمِعَهُ : مِنْ حَجَر ، وَمَدَر ، وَشَجَر ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّه أَنَّهُ يَحُجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . فسبحان مَن جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمناً ، يتردّدون إليه ويرجعون عنه ، ولا يرون أنهم قضوا منه وَطَراً ! تعلّقتْ قلوب المحبين ببيت محبوبهم لمّا أضافه سبحانه إلى نفسه ؛ فكلما ذُكر لهم البيت الحرام حَنّوا ، وكلما تذكّروا بُعْدهم عنه أَنّوا ..
ولمّا رأتْ أبصارهُم بيته الذي *** قلوبُ الورى شوقاً إليه تَضَرّمُ
هناك البيت الحرام .. إذا عاينته العين زال ظلامها ، وزال عن القلب الكئيب التألم .. هناك السموات تبدو قرب طالبها .. هناك الرحاب فضاء حين يلتمس .. فللهِ درُّ أقوام فارقوا ديارهم ، وعانقوا افتقارهم ، وآثروا غبارهم ، وطهروا أسرارهم ، يدعون عند البيت قريباً سميعاً ، ويقفون بين يديه بالذل جميعاً، وحالهم ينطق قبل مقالهم :
إنّ الحج هو مؤتمر المسلمين الجامع ، الذي يتجرّدون فيه من كلّ آصرة سوى آصرة (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) . والحج ليس مفارقة الأوطان ، وترك الأهل والخِلان ؛ بل خلوص النيّة للبَرِّ – سبحانه – قبل البَرِيَّة ، وإصلاح الطَّويّة قبل امتطاء المَطِيّة . " ... والحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجَنَّة " . اللهمّ يَسِّرْ لنا الحجّ ، وارزقنا فيه الإخلاص والخلاص ، ولا تحرمنا من زيارة بيتك العتيق أعواماً عديدة ، وأزمنة مديدة .
قال الله تعالى : (( والفجر ، وليالِ عشر )) ، الفجر : 1- 2. العشر فجرها لاح ؛ تنادي : حَيّ على الفلاح ! وَاللَّيَالِي الْعَشْر هنا الْمُرَاد بِهَا (عَشْر ذِي الْحِجَّة) ؛ كَمَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر وَمُجَاهِد – رضي الله عنهم - وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا : " مَا مِنْ أَيَّام الْعَمَل الصَّالِح أَحَبّ إِلَى اللَّه فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأيَّام " يَعْنِي عَشْر ذِي الْحِجَّة قَالُوا : ولا الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه ؟ قَالَ : " وَلا الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه إِلا رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَاله ثُمَّ لَمْ يَرْجِع مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " . وفي الحديث دليل على فضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة ؛ لأن النبي شهد بأنها أفضل أيام الدنيا ، ولأنه حث على العمل الصالح فيها. وفيه دليل على أن كل عمل صالح في هذه الأيام فهو أحب إلى الله – تعالى- منه في غيرها ، وهذا يدل على فضل العمل الصالح فيها وكثرة ثوابه ، وأن جميع الأعمال الصالحة تضاعف في العشر من غير استثناء شيء منها . وإن إدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله – سبحانه - على عبده ؛ لأنه يدرك موسماً من مواسم الطاعة التي تكون عوناً للمسلم - بتوفيق الله - على تحصيل الثواب واغتنام الأجر ، فعلى المسلم أن يستشعر هذه النعمة ، ويستحضر عظم أجر العمل فيها ، ويغتنم الأوقات ، وأن يُظهر لهذه العشر مزية على غيرها ، بمزيد الطاعة ، وهذا شأن سلف هذه الأمة . ربّنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم .
قال الله تعالى : (( وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ، إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ، فلا تقل لهما أُفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيراً )) ، الإسراء : 23 . إنّ للوالدين مقاماً كبيراً ، وشأناً عظيماً يعجز الإنسان عن إدراكه ، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما ؛ فإنه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما ، وحقهما على الأولاد ، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم ، وعماد حياتهم ! ((وقضى ربك)) أي أمر ووصّى ، وقرن بعبادته – سبحانه - برّ الوالدين ، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على منزلتهما عند الربّ – تعالى - . وقد روى مسلم في صحيحه أنّ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال : " رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه . قيل : من يا رسول الله ؟! قال : مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ، ثم لم يدخل الجنة " ، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أحب إلى الله تعالى ؟ فقال : " الصلاة على وقتها " ، قلت : ثم أي ؟ قال : "برّ الوالدين " ، قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " . فانظر – أخي القارئ – كيف قدّم النبيّ – عليه الصلاة والسلام – بِرَّ الوالدين على الجهاد . وأذكر في حج 1418هـ وقع حريق كبير في منى ، وكنتُ وقتها في مخيم العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – فجاء رجل يسأل الشيخ ، ويقول : لمّا اندلع الحريق انخلع قلبي ، وطار عقلي وصرتُ بين أمرين أحلاهما مُرّ : إما أن أنقذ أمي من الحريق ، وإما أن أنقذ طفليّ ؛ فغلبتْ عاطفة الأبوّة عليَّ فأنقذتُ طفليّ وتركتُ أمي حتى ماتت في الحريق ! فانتفض الشيخ – رحمه الله تعالى – وقال له متأثراً : " بئس ما صنعت ! إنّ الفرع إذا ذهب فإنه يُعوّض ، أمّا الأصل إذا ذهب فإنه لا يُعوّض " . اللهمّ ارزقنا بِرّ أمهاتنا وآبائنا ، وارحمهما كما ربّوْنا صغاراً .