الإجهاض بين الطب والقانون والشريعة

مدير المنتدى

الإجهاض بين الطب والقانون والشريعة

بقلم: علا الكاسوح

كان الهدف من الزواج دائماً إنجاب الذرية والتمتع بنعمة الأبوة والأمومة، وهذا أمر موجود منذ الأزل إلى الآن. ولكن حصلت عليه بعض التعديلات بحكم تطور الزمان وتغير العادات وبعض المعتقدات. فقديماً كان عدد الأولاد الكثير موضع فخرٍ وتباه للأبوين. أما الآن ومع التطور الذي لم يفسح المجال ببقاء الأمور على ما كانت عليه ما عاد عدد الأولاد الكثير من دواعي المفخرة والتباهي، فقد وصلنا إلى زمن أصبح فيه عدد الأولاد الكبير هماً وعبئاً، وأصبح أي حمل ممكن أن تحمله المرأة غير مرغوب فيه يمكن التخلص منه عند أطباء مختصين أو عند القابلة، بغض النظر عن عواقب الإجهاض وانعكاساته الطبية والقانونية والدينية.هذا ما طرحه الدكتور جهاد الأشقر، مدير الصحة بدمشق، والأستاذ محمد جهاد اللحام، رئيس فرع نقابة المحامين بدمشق، والشيخ بشير عيد الباري مفتي دمشق، بندوة حول الإجهاض بنظر القانون والطب والشريعة.

الإجهاض بعيون الطب
ذكر الدكتور جهاد الأشقر الفرق بين الإجهاض الجنائي والإسقاط الذي يكون بغير رغبة المرأة وتكون أسبابه مرضية بحتة مثل:
ـ تشوّه البويضة عند المرأة، أو تشوه النطفة عند الرجل. وبها لا يستمر حمل المرأة أكثر من يومين إلى ستة أيام.
ـ تشوّهات رحمية عند المرأة، كأنّ يكون الرحم ذا قرنين أو رحماً مضاعفاً أو رحماً وحيد القرن.
ـ وبعض الأمراض كالالتهابات النسائية ومرض السكري والضغط العالي عند المرأة الذي يؤدي إلى ولادات باكرة، إذ لا يستمر الحمل إلى أكثر من الشهر السابع ليحدث الإسقاط ويموت الجنين.
ـ ولتدخين المرأة الحامل آثاره السلبية على الجنين، إذ يولد الجنين بحجم صغير، كما أن فقر الدم الشديد والريجيم القاسي والحالة النفسية للمرأة تكون خطيرة على حياة المرأة والجنين معاً.

الإسقاط الدوائي
إن أي خطر على حياة المرأة يسببه استمرار الحمل تنصح فيه المرأة من قبل أطبائها بالإسقاط (كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم الشرياني والأورام السرطانية والتشوهات الخلقية للجنين). وأما عن حالة التشوهات الخَلقية فلا تحبذه المؤسسات الطبية الحكومية في سورية لمخالفته للشريعة الإسلامية.

الإجهاض الجنائي
عرّف الدكتور جهاد الأشقر الإجهاض الجنائي بأنه إسقاط الجنين من رحم أمه دون وجود أي مشاكل بالحمل بحد ذاته. ويكون دافع الإسقاط إما اقتصادياً كالفقر الذي هو دافع رئيسي للإجهاض، أو الدافع الاجتماعي وخاصة بعد دخول المرأة ميادين العمل فما عادت ترغب الأسرة في عدد كبير من الأولاد، والدافع الأخلاقي..وأضاف الدكتور الأشقر إن التطور الطبي سهّل عمليات الإجهاض، فأصبحت وسائل الإجهاض بغالبيتها سرية وغير خطيرة ويمكن إخفاؤها.
وذكر الدكتور الأشقر مضاعفات الإجهاض الجنائي: تمزق عنق الرحم، وانثقاب الرحم، نزف شديد وتسمم دوائي وإنتانات قد تؤدي في بعض الأحيان إلى استئصالات بالرحم وقصور بالكليتين والتهاب الأوردة والشرايين المحيطة بالرحم.كما يؤدي التجريف (إجهاض الجنين)إلى مشاكل أكبر للمرأة، مثل انسداد البوقين والعقم وضعف الرحم نتيجة الجراحات والإجهاضات بحيث يصبح الرحم غير قادر على حمل الجنين.

الإجهاض من وجهة نظر القانون
عرض محمد جهاد اللحام رئيس فرع نقابة المحامين بدمشق رأي المشرِّع السوري من الناحية الجنائية وفق العرف العام، أن الإجهاض يعدّ جرماً جنائياً يستوجب المساءلة والعقاب. ويعدّ الإجهاض من الجرائم المقصودة التي تتطلب توفر قصد جرمي عام، وهو إرادة تحقيق الجريمة، ألا وهي إسقاط الجنين وإلحاق الأذى به دون مبرر تستدعيه حالة المرأة ولا بقصد العلاج. فقد ناقش المشرع الجزائي عبر قانون العقوبات في الفصل الثالث منه موضوع الإجهاض، فأفرز له مواد كاملة وخاصة تتناول الجريمة. وأضاف اللحام أن القانون السوري يقف موقفاً حاسماً من موضوع الإجهاض ومن قانون مهنة الطب. فحسب المادة 527 يعاقب كل من باع أو عرض مواد معدة لإحداث الإجهاض و/أو سهل استعمالها بأي طريقة.
وتحدثت المادة 529 عن القصد الجرمي، فمن تسبب بإجهاض حامل قصداً دون رغبتها يحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل، لارتكابه جرماً جنائي الوصف. أما إذا أجهضت المرأة نفسها بقصد المحافظة على الشرف فقد أخذ المشرع السوري موقفاً آخر، إذ يستفيد كل من المرأة وكل من كان سبباً بإجهاضها من عذر قانوني مخفف.أما إذا كان الإجهاض برضا المرأة فحددت العقوبة لها من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات. وعن موقف القانون من الطبيب والصيدلي الذي يروج ويبيع ويسهل بيع مواد تساعد على الإجهاض فقد تصل العقوبة بحقهم إلى منع الطبيب أو الصيدلي من مزاولة المهنة وإقفال العيادة أو الصيدلية.

الإجهاض في رأي الشريعة الإسلامية
بيّن مفتي دمشق الشيخ بشير عيد الباري أن حياة الجنين بالشريعة الإسلامية محترمة ويجب المحافظة عليها وتوفير السبل والطرائق لحمايتها، إذ إن الشريعة الإسلامية أجازت إفطار المرأة الحامل في شهر رمضان، وأوجبت إفطارها إذا كان بصيامها ضرر على الجنين أو عليها. وحرمت الشريعة قتل الجنين لأنه كائن إنساني حي لا ذنب له. كما أن الشرع أوجب تأخير القصاص عن المرأة حتى تضع مولودها، وأوجب الشرع دية كاملة على من ضرب بطن امرأة حامل فأسقط ما في بطنها، وغرة (1) على كل من شربت دواء فأسقطت ما في بطنها، هذا إن لم تنفخ الروح بالجنين، أي قبل الأربعين يوماً. أما إذا نفخت الروح بالجنين فتوجب على المرأة إذا كان الإسقاط برغبتها دفع كفارة، وهي تحرير رقبة مؤمنة، ومن لم يجد فصيام شهرين متتالين. أما حكم من ضرب امرأة بقصد أو بغير قصد على بطنها فألقت حملها فالنفس بالنفس أو الدية تعويضاً عن الإسقاط. وقد اختلف الفقهاء وعلماء الدين بحكم إسقاط الجنين الذي قبل الأربعين يوماً بين مجيز ومانع. وأضاف الشيخ عيد الباري أن الفقر ليس سبباً مبيحاً للإجهاض، فالله يبعث الجنين ويبعث رزقه معه. وأكد أن حرمة الإجهاض تكبر كلما كبرت واستقرت الحياة بالجنين، ولا يجوز الإجهاض إلا بحالة ضرورية ألا وهي تعرّض حياة الأم للخطر، لأن حياة الأم هي الأساس.

(1) الغرّة: هي نصف عُشر الديّة.

مـنـتـديـات جـريـح الـمـشـاعـر

جريح المشاعر

مشرف

مشكور جريح على الافاده الله يعطيك العافيه

تحياتي

مـنـتـديـات جـريـح الـمـشـاعـر

basoum

مدير المنتدى

أشكرك على مرورك الطيب
أرجوا أن أكون
قد أفدت وأستفدت
وأتمنى أن أقدم المفيد والجديد
دأيما

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا أله الأ أنت أستغفرك واتوب أليك

مـنـتـديـات جـريـح الـمـشـاعـر

جريح المشاعر

ملفات وبرامج منوعة